وتصف عائشة حفل زفافها فتقول:
جاء رسول الله بيتنا فاجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء، فجاءتني أمي
وأنا في أرجوحة، فأنزلتني ثمّ سوّت شعري ومسحت وجهي بشيء من ماء،
ثم أقبلت تقودني فأدخلتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا.. وقالت: (هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهن، وبارك لهن فيك)..
ووثب القوم والنساء فخرجوا، وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي،
ما نحرت عليّ جزور ولا ذبحت من شاة.
وانتقلت عائشة بعد ذلك إلى بيتها الجديد، الذي لم يكن أكثر من حجرة صغيرة بنيت حول المسجد، من اللبن وسعف النخيل، ووضع فيه فراش من أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير، وعلى فتحة الباب أسدل ستار من الشعر.
في هذا البيت البسيط المتواضع بدأت عائشة حياة زوجية حافلة،
وكما كانت شاهدة على أحداث الإسلام منذ يومها الأول ترقبها في بيت أبيها الصديق..
فقد أصبحت شاهدة على حياة النبي القائد تنهل من علمه وحكمته وسيرته
ما وسعها عقلها وذكاؤها أن تنهل وتتعلم
لقد كانت عائشة باستمرار في وسط المعركة..
*معركة تقودها مع الضرائر من حولها في بيت زوجها،
تحاول أن تستأثر بقلبه وحبه دون الأخريات..
رصيدها في ذلك حب رسول الله لأبيها: فقد كان من أحب الناس إليه وأقربهم منه..
*ومعركة أخرى تخوضها مع مروجي الإفك.. حين أحبّ قادة النفاق في المدينة
أن يحاربوا النبي في شخصها.. فاتهموها بعرضها ليضربوا بحجر واحد
زوجها وأبيها وبيضة الإسلام كله بعد ذلك..
وكانت تلك الشائعة تجربة شاقة وحمل النبي صلى الله عليه وسلم فيها آلاما لا تحتمل..
ومرضت فيها عائشة..
حين توجه الزوج محمد صلى الله عليه وسلم إلى عائشة قال لها
"أما بعد.. فإنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله تعالى وإن
كنت ألممت بذنب فاستغفري الله تعالى إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه".
ولم تزد عائشة ان قالت: ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف إذ قال: "فصبر جميل والله
المستعان على ما تصفون" ولأن عائشة ابنة أبي بكر
تثق في طهارتها وبراءتها فقد تحدثت للرسول بكل الاعتزاز والايمان..
ونزل الوحي على النبي بسورة النور ببراءة عائشة الطاهرة فقالت لها أمها "
قومي إلى رسول الله فاشكريه" فقالت: "والله لا أقوم إليه ولا
أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي".. فقد كان تأثر عائشة بالإفك بالغا واحتمت بجانب الله
غضبت عائشة غضب البريء المشكوك فيه وانها لبريئة في نظر كل منصف يفهم أنها
لايمكن أن تعرض نفسها كشريفة للريبة
* وخاضت عائشة معركة السياسة تقوّم المعوج، وتنادي بالإصلاح
تخالف عثمان رضي الله عنه في حياته، وتنادي بمحاكمة قتلته بعد استشهاده..
وكما انشغلت عائشة بمعاركها المستمرة في حياتها.. فقد انشغل المستشرقون
والمفترون طويلا في هذه المعارك في حياتها وبعد مماتها